أقرب نتائج الانتخابات الأمريكية

أقرب 10 نتائج في الانتخابات الأمريكية في التاريخ

شهدت الولايات المتحدة الأمريكية على مدى أكثر من قرنين من الزمان العديد من الانتخابات الرئاسية المتقاربة التي حُسمت بفوارق ضئيلة في الأصوات، سواء على مستوى التصويت الشعبي أو المجمع الانتخابي، أو حتى من خلال تسوية قضائية أو تصويت مجلس النواب. تعكس هذه النتائج المتقاربة الانقسامات الحادة في الرأي العام الأمريكي، وتُظهر هشاشة التوازنات السياسية في النظام الانتخابي الفريد للولايات المتحدة، والذي يمنح أهمية محورية للولايات المتأرجحة. في هذا المقال، سيتم استعراض أبرز وأقرب 10 نتائج شهدتها الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مع تحليل مفصل لكل حالة وسياقها التاريخي والسياسي.

1. انتخابات عام 2000: جورج دبليو بوش ضد آل غور

تُعد انتخابات 2000 الأشهر في تاريخ الولايات المتحدة من حيث التقارب والجدل. خسر المرشح الديمقراطي آل غور التصويت الشعبي بفارق ضئيل، إذ حصل على 50,999,897 صوتًا (48.4%) مقابل 50,456,002 صوتًا (47.9%) لجورج بوش، لكنه خسر في المجمع الانتخابي بنتيجة 271 لبوش مقابل 266 لغور (مع حجب 1 صوت).

لكن ما جعل هذه الانتخابات استثنائية هو معركة إعادة الفرز في ولاية فلوريدا، التي كان الفارق فيها بضع مئات من الأصوات فقط (537 صوتًا لصالح بوش)، قبل أن تضع المحكمة العليا الأمريكية حدًا لإعادة الفرز، مما منح بوش الفوز.

2. انتخابات عام 1876: رذرفورد هايز ضد صموئيل تيلدن

تُعتبر هذه الانتخابات الأكثر نزاعًا في التاريخ الأمريكي، وتُعرف بـ”صفقة 1877″. فاز المرشح الديمقراطي صموئيل تيلدن بالتصويت الشعبي بأكثر من 250,000 صوت، لكنه حصل على 184 صوتًا فقط في المجمع الانتخابي، في حين حصل الجمهوري رذرفورد هايز على 165 صوتًا، وكانت 20 صوتًا من أربع ولايات محل نزاع.

بعد مفاوضات سياسية معقدة، تم التوصل إلى اتفاق يُعرف بـ”تسوية 1877″، تُمنح فيه الأصوات لهايز مقابل إنهاء الاحتلال العسكري للجنوبيين بعد الحرب الأهلية، مما منحه الفوز بـ 185 مقابل 184، بفارق صوت واحد فقط في المجمع الانتخابي.

3. انتخابات عام 1960: جون كينيدي ضد ريتشارد نيكسون

من أقرب الانتخابات في القرن العشرين، فاز كينيدي بنسبة 49.7% من الأصوات الشعبية (34,220,984 صوتًا)، مقابل 49.5% لنيكسون (34,108,157 صوتًا)، بفارق حوالي 112,827 صوتًا فقط.

لكن في المجمع الانتخابي، كانت النتيجة أكثر حسمًا: 303 صوتًا لكينيدي مقابل 219 لنيكسون. رغم ذلك، استمرت الشكوك والادعاءات بالتلاعب، لا سيما في ولايات مثل تكساس وإلينوي.

4. انتخابات عام 1916: وودرو ويلسون ضد تشارلز إيفانز هيوز

فاز الرئيس الديمقراطي وودرو ويلسون بولاية ثانية بصعوبة بالغة. حصل ويلسون على 277 صوتًا انتخابيًا مقابل 254 لهيوز. أما التصويت الشعبي، فكان الفرق أقل من 600,000 صوت من أصل أكثر من 18 مليون.

كانت ولاية كاليفورنيا الحاسمة، حيث فاز ويلسون بها بفارق أقل من 4,000 صوت فقط، مما ضمن له الانتصار في المجمع الانتخابي.

5. انتخابات عام 2004: جورج دبليو بوش ضد جون كيري

رغم أن بوش فاز بفارق مريح في التصويت الشعبي، إلا أن النتيجة في المجمع الانتخابي كانت أكثر حساسية. حصل بوش على 286 صوتًا مقابل 251 لكيري، لكن لو فاز كيري بولاية أوهايو، التي خسرها بفارق 118,601 صوتًا فقط، لأصبح رئيسًا، حيث كانت ستمنحه أوهايو 20 صوتًا انتخابيًا حاسمة.

6. انتخابات عام 1880: جيمس غارفيلد ضد وينفيلد هانكوك

في واحدة من أقرب الانتخابات من حيث التصويت الشعبي، فاز الجمهوري غارفيلد بفارق 1,898,739 مقابل 1,844,573، أي بفارق حوالي 34,000 صوت فقط (0.1%).

ومع ذلك، حصل غارفيلد على 214 صوتًا انتخابيًا مقابل 155 لهانكوك، وهو ما يكشف الفجوة بين التصويت الشعبي والمجمع الانتخابي.

7. انتخابات عام 1888: بنجامين هاريسون ضد غروفر كليفلاند

حصل الرئيس الديموقراطي غروفر كليفلاند على 5,540,329 صوتًا شعبيًا مقابل 5,444,337 لهاريسون، لكن الأخير فاز في المجمع الانتخابي بـ 233 صوتًا مقابل 168، مستفيدًا من فوزه في ولايات ذات ثقل انتخابي.

كانت هذه الانتخابات مثالًا صارخًا على التناقض بين التصويت الشعبي والمجمع الانتخابي.

8. انتخابات عام 1824: جون كوينسي آدامز ضد أندرو جاكسون

تُعد هذه الانتخابات حالة استثنائية، إذ لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلقة في المجمع الانتخابي. رغم فوز أندرو جاكسون بأكثرية التصويت الشعبي والمجمع الانتخابي (99 صوتًا)، إلا أن مجلس النواب قرر اختيار جون كوينسي آدامز (الذي حصل على 84 صوتًا فقط)، في صفقة عُرفت بـ”الصفقة الفاسدة”، بعدما دعم هنري كلاي، الذي شغل لاحقًا منصب وزير الخارجية.

9. انتخابات عام 1844: جيمس بولك ضد هنري كلاي

فاز الديمقراطي بولك بالانتخابات بنسبة 49.5% من الأصوات الشعبية مقابل 48.1% لكلاي، بفارق أقل من 40,000 صوت، من أصل أكثر من 2.6 مليون ناخب.

كان فوز بولك في نيويورك حاسمًا، حيث فاز بها بفارق ضئيل جدًّا، ومنحته الولاية الأصوات اللازمة للفوز في المجمع الانتخابي.

10. انتخابات عام 1884: غروفر كليفلاند ضد جيمس بلين

واحدة من أكثر الحملات الانتخابية إثارة للجدل في القرن التاسع عشر. فاز كليفلاند بـ 48.5% من الأصوات الشعبية مقابل 48.2% لبلين، بفارق حوالي 25,000 صوت.

ولاية نيويورك كانت الفيصل مرة أخرى، حيث فاز كليفلاند بها بفارق 1,149 صوتًا فقط، مما منحه الفوز في المجمع الانتخابي بـ 219 مقابل 182.

جدول ملخص لأقرب نتائج الانتخابات الأمريكية

تحليل سياسي وتاريخي

تعكس هذه الانتخابات المتقاربة مزيجًا من العوامل، من أبرزها:

• أهمية الولايات المتأرجحة: في كل الانتخابات المذكورة، لعبت ولايات محددة دورًا محوريًا في ترجيح كفة أحد المرشحين، حتى وإن خسر التصويت الشعبي.

• الانتقادات لنظام المجمع الانتخابي: هذه النتائج سلطت الضوء على التناقض المحتمل بين التصويت الشعبي ونتيجة الانتخابات، مما دفع بعض الأصوات للمطالبة بإصلاح النظام.

• دور القضاء والسياسة: بعض النتائج لم تُحسم فقط في صناديق الاقتراع، بل كانت نتيجة تسويات قضائية (2000) أو سياسية (1876 و1824).

• الاستقطاب السياسي: معظم هذه الانتخابات جاءت في سياقات منقَسمة سياسيًا بشكل حاد، ما جعل من الفوارق الضئيلة أمرًا متوقعًا.

خاتمة تحليلية

الانتخابات الرئاسية الأمريكية، رغم صلابتها الديمقراطية الشكلية، تحمل في طياتها نقاط ضعف خطيرة مرتبطة بتوازنات المجمع الانتخابي، ودور القضاء، وأهمية الولايات المحورية. وعلى مرّ التاريخ، شكلت النتائج المتقاربة مناسبات حاسمة في رسم ملامح السياسة الأمريكية، وأظهرت أن صوتًا واحدًا في ولاية واحدة قادر على تغيير وجه التاريخ السياسي لأمة بأكملها.

المراجع:

1. Presidential Election Results – National Archives and Records Administration (archives.gov)

2. “Encyclopedia of U.S. Political History” – Sage Publications